حكم من حلف بالله كاذبا
أنا بعض الأحيان أحلف بالله وأقسم به وأنا غير صادقة، ولقد فعلت ذلك لأسباب وظروف، فهل عليَّ ذنب، وإن كان عليّ ذنب فما كفارة ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
نعم، لا يجوز لك الحلف بالله كاذبةً، ولكن عليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ولا تعتادي هذا الأمر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من حلف بالله فليصدق)، ويقول - صلى الله عليه وسلم-: (من حلف على يمين هو فيها كاذب يقتطع بها مال المسلم بغير حق فالله عليه غضبان)، وفي اللفظ الآخر: (فقد أوجب الله عليه النار وحرم عليه الجنة)، فالمقصود أن اليمين بالكذب لا تجوز، بل يجب الصدق في الأيمان، في جميع الأحيان، وإذا حلف الإنسان على يمين ليأخذ بها مال امرئٍ مسلم هذا من أعظم الكبائر. وفي الحديث: (لقي الله وهو عليه غضبان)، وفي اللفظ الآخر: (فقد أوجب الله عليه النار وحرم عليه الجنة)، فهذا وعيد عظيم، وهكذا الأيمان في غير قطاع المال، كأن تقولي والله أني ما فعلت كذا، والله أني فعلت كذا وأنت كاذبة لا يجوز هذا، فعليك التوبة إلى الله من ذلك والاستغفار وليس عليك كفارة في أصح قولي العلماء، لكن عليك التوبة إلى الله والاستغفار والندم والعزم الصادق أن لا تعودي إلى مثل ذلك، إلا إذا كان في أمور يباح فيها الكذب فلا بأس، كالإصلاح بين الناس والحرب وحديث الرجل وامرأته، والمرأة لزوجها، كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يرخص الكذب في هذه الأمور الثلاثة، فإذا كذب الإنسان في الإصلاح بين شخصين أو جماعتين أو قبيلتين، يقول والله أن فلان بن فلان يدعو لك ويثني عليك والآخر قال كذلك يريد أن يصلح بينهم فلا بأس إن شاء الله في الإصلاح لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- رخص في هذا، الإصلاح بين الناس وفي الحرب في الجهاد، وفي حديث الرجل وامرأته والمرأة لزوجها، وهكذا المرأة لزوجها والله أني ما فعلت هذا الشيء تخاف أنه يغضب عليها، والله ما رحت بيت فلان والله ما زرتهم، والله ما خرجت من بيت كذا وكذا، دفعاً للفتنة بينهما، أو والله لا أعود، أو ما أشبه ذلك، وإن كانت في نيتها تعود لأن هذا فيه حرصاً على بقاء المودة وبقاء العشرة الطيبة، وحذراً من شدة الخصومة فتفضي إلى الطلاق فالحاصل كونها تكذب في شيءٍ يتعلق بها مع زوجها مما يهدئ ويسبب بقاء العشرة ولا يتعلق بالآخرين لا بأس بذلك، والله ما أفعل كذا، والله ما أعصيك في المستقبل، والله ما أخرج من البيت إلا بإذنك، وما أشبه ذلك، وهو كذلك يقول لها والله أني ما أفعل كذا، والله أني ما.... فلان، أو والله ما أكلم فلانة وإن كان كاذباً، أو والله ما كلمت فلان، أو والله ما كلمت فلانة، حتى يهدئ غضبها وحتى تبقى المودة وحتى لا يقع الطلاق، كل هذه الأمور لا بأس بها، فيما بين الزوج والزوجة فيما يتعلق بهما خاصة، ولا يتعلق بظلم غيرهما ولا بالكذب على غيرهما.
الشيخ ابن باز رحمه الله