علاج القلب من جميع أمراضه قد تضمنه القرآن الكريم .
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ
قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ
وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } ، { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة
للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا }
وأمراض القلوب نوعان :
نوع لا يتألم به صاحبه في الحال وهو مرض الجهل ، والشبهات
والشكوك ، وهذا هو أعظم النوعين ألما ولكن لفساد القلب لا يحس به .
ونوع : مرض مؤلم في الحال : كالهم ، والغم ، والحزن ، والغيظ ، وهذا المرض قد يزول
بأدوية طبيعية بإزالة أسبابه وغير ذلك .
وعلاج القلب يكون بأمور أربعة:
الأمر الأول : بالقرآن الكريم ؛ فإنه شفاء لما في
الصدور من الشك ، ويزيل ما فيها من الشرك ودنس الكفر ، وأمراض الشبهات ، والشهوات ،
وهو هدى لمن علم بالحق وعمل به ، ورحمة لما يحصل به للمؤمنين من الثواب العاجل
والآجل : { أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في
الظلمات ليس بخارج منها } .
الأمر الثاني : القلب يحتاج إلى ثلاثة أمور :
( أ ) ما يحفظ عليه قوته وذلك يكون بالإيمان والعمل الصالح
وعمل أوراد الطاعات .
( ب ) الحمية عن المضار وذلك باجتناب جميع المعاصي وأنواع المخالفات .
( ج ) الاستفراغ من كل مادة مؤذية وذلك بالتوبة والاستغفار .
الأمر الثالث : علاج مرض القلب من استيلاء
النفس عليه : له علاجان : محاسبتها ومخالفتها والمحاسبة نوعان :
أ- نوع قبل العمل وله أربع مقامات :
1- هل هذا العمل مقدور له ؟
2- هل هذا العمل فعله خير له من تركه ؟
3- هل هذا العمل يقصد به وجه الله ؟
4- هل هذا العمل معان عليه وله أعوان يساعدونه وينصرونه إذا كان العمل يحتاج إلى
أعوان ؟ فإذا كان الجواب موجودا أقدم وإلا لا يقدم عليه أبدا .
ب- نوع بعد العمل وهو ثلاثة أنواع :
ا- محاسبة نفسه على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى فلم توقعها على الوجه المطلوب
، ومن حقوق الله تعالى : الإخلاص ، والنصيحة ، والمتابعة ، وشهود مشهد الإحسان ،
وشهود منة الله عليه فيه ، وشهود التقصير بعد ذلك كله .
2- محاسبة نفسه على كل عمل كان تركه خيرا له من فعله .
3- محاسبة نفسه على أمر مباح أو معتاد لم يفعله وهل أراد به الله والدار الآخرة
فيكون رابحا ، أو أراد به الدنيا فيكون خاسرا .
جماع ذلك أن يحاسب نفسه أولا على
الفرائض ، ثم يكملها إن كانت ناقصة ، ثم يحاسبها على المناهي ، فإن عرف أنه ارتكب
شيئا منها تداركه بالتوبة والاستغفار ، ثم على ما عملت به جوارحه ، ثم على الغفلة .
الأمر الرابع : علاج مرض القلب من استيلاء الشيطان
عليه : الشيطان عدو الإنسان والفكاك منه هو بما شرع الله من الاستعاذة وقد جمع
النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الاستعاذة من شر النفس وشر الشيطان ، قال عليه
الصلاة والسلام لأبي بكر : " قل اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة
، رب كل شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر
الشيطان وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم . قله إذا أصبحت وإذا
أمسيت وإذا أخذت مضجعك " .
والاستعاذة ، والتوكل ، والإخلاص ، يمنع سلطان الشيطان .
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى
يوم الدين .