كان أيوب عليه السلام عبدًا تقيًا شاكرًا لأنعم الله رحيمًا بالمساكين، يُطعم الفقراء ويعين الأرامل ويكفل الأيتام، ويكرم الضيف، ويؤدي حق الله عليه على أكمل وجه.
كان كثير المال ءاتاه الله الغنى والصحة والمال وكثرة الأولاد، وابتلاء بالنعمة والرخاء ولم تفتنه زينة الحياة الدنيا ولم تخدعه ولم تشغله عن طاعة الله،
ثم ابتلاه الله بعد ذلك بالضر الشديد في جسده وماله وولده فقد ذهب ماله ومات أولاده جميعهم، فصبر على ذلك صبرا جميلا ولم ينقطع عن عبادة ربه وشكره،
وابتلاه الله بأنواع من الأمراض الجسيمة في بدنه حتى قيل: إنه لم يبق من جسده سليمًا إلا قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما،
وطال مرضه عليه الصلاة والسلام ولزمه ثماني عشرة سنة وكانت زوجته لا تفارقه صباحًا ولا مساء إلا بسبب خدمة الناس بالأجرة لتطعمه وتقوم بحاجاته، وكانت تحنو عليه وترعى له حقه وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها وحسن معاشرته لها في حالة السراء، فكانت صابرة محتسبة ترجو الثواب من الله تبارك وتعالى.
- دعاء أيوب لله تعالى :
كثرت البلايا والأمراض على نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام طيلة ثماني عشرة سنة، وهو صابر محتسب يرجو الثواب من الله تعالى، فدعا الله وابتهل إليه بخشوع وتضرع قائلا: "وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين" (83) {سورة الأنبياء}
ثم خرج عليه السلام لقضاء حاجته وأمسكت زوجته بيده إلى مكان بعيد عن أعين الناس لقضاء حاجته فلما فرغ عليه السلام أوحى الله تبارك وتعالى إليه في مكانه: "أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " (42) {سورة ص}
فأمره الله تعالى أن يضرب برجله الأرض، وأنبع الله تبارك وتعالى له بقدرته عينين فشرب واغتسل وأذهب الله عنه مرضه وأعاد إليه صحته عافيته وأقبل نبي الله أيوب عليه السلام إلي زوجته على أحسن, فلما رأته لم تعرفه فقالت له: بارك الله فيك هل رأيت نبي الله أيوب هذا المبتلى؟ فوالله على ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحًا، فقال لها عليه الصلاة والسلام: فإني أنا هو.
" فإستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وءاتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين (84) {سورة الأنبياء}
فأرغد الله سبحانه وتعالى على أهله العيش فزاد نسلهم حتى بلغ عددهم عدد من مضي، فكان له ضعف ما كان، وكما رد الله عليه عافيته وصحته رد عليه ضعفي المال الذي فقده، وضعفي ما كان عنده من الأولاد.