بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد وعلى صحب محمد أجمعين
أيتها المؤمنة القانتة
أيتها الدرة المصونة
والجوهرة المكنونة
السلام عليكِ ورحمة الله تعالى وبركاته ، أما بعد
فلا
تحزني لأن الله تعالى شرَّفكِ بالإسلام ، ورفعكِ بالإيمان ، وجعلكِِ
شقيقةً للرجل ومثيلةً له قال تعالى : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ
وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ
وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ
وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ
وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ
فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً
وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }
( سورة الأحزاب : 35 ) . وليس هذا فحسب بل قد أنزلك منزلةً رفيعةً عندما
كرَّمكِ بالانتساب إلى أُمهات المؤمنين – رضي الله عنهن – ، ومن سار على
نهجهن من النساء الصالحات ، والعابدات القانتات ، والمؤمنات الصادقات .
اللواتي قال فيهن الشاعر :
فتشبَّهُوا إن لم تكونوا مِثلهم ....... إن التَّشبه بالكِرام فلاحُ
===================
لا
تحزني وقد أنصفك الإسلام يوم أن جعل منك البنت المصونة ، والأُخت الغالية
، والزوجة المكفولة ، والأم الحنون ، والجدة الموقرة . واعلمي أن هذه
المنزلة العالية ، والمكانة المتميزة لم تكن لتُمنح لك لولا أنك أمينةٌ
على أبنائه ، وحافظةٌ لكيانه ؛ فلا تُفرطي في أداء هذه الأمانة العظيمة ،
واحتسبي ما تبذلينه من جهدٍ ووقتٍ في ذلك عند الله جل جلاله، فهو الذي لا
يُضيع عمل عاملٍ من ذكر أو أُنثى.
====================
لا
تحزني وأنتِ متمسكةٌ بحجابك الشرعي الساتر لكل ما أمر الله بستره لأن في
هذا الحجاب عزةً وكرامةً لا يذوق حلاوتها إلا من آمنت بالله رباً ، ورضيت
بالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، فعن العباس
بن عبد المطلب t أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ذاقَ طعمَ
الإيمانِ ، من رضي بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمدٍ نبيّاً " (
رواه الترمذي ، الحديث رقم 2623 ، ص 591 ) . وإياك ثم إياك أن تنـزعي هذا
الحجاب ، أو تتهاوني في الحفاظ عليه ؛ فهو أمرٌ من الله تعالى ليُجنبك
الأذى ، قال سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ
وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } ( سورة الأحزاب : 59 ) . وهو هدي المصطفى صلى
الله عليه وسلم الذي جاء به ليُميز المرأة المسلمة عن غيرها من النساء
وليُربيها على خُلق الحياء منذ نعومة أظفارها ، فتعيش – بإذن الله – في
سعادةٍ وسرور ، وتسلم من الوقوع في الرجس والفجور ، ويرضى عنها العزيز
الغفور . ولله در من قال :
لا تُعرضي عن هدي ربك ساعةً *** عضي عليه مدى الحياةِ لتغنمي
ما كان ربُكِ جـائراً في شرعه *** فاستمسكي بعُراه حتى تسّلمي
ودعي هراء القائلـيـن سفاهةً *** إن التقدم في السفور الأعجمي
==================
لا
تحزني وأنت ممن شرفها الله تعالى بحمل رسالة الإسلام في البيت ، وفي
المدرسة ، وفي مكان العمل ، وفي كل زمانٍ ومكان ؛ وكوني قدوةً صالحة في
دينك ودنياك ، وعلمك وعملك ، ومأكلك ومشربك ، وملبسك وزينتك ، وكلامك
وصمتك ، و في كل شأنك . وأعلمي أن لكل عملٍ غاية ، ولكل مشوارٍ نهاية .
=================
لا
تحزني وأنت تعلمين أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافٍ
كثيرة ، وأن السيئة بمثلها ، ولا تنسي – بارك الله فيك – أن الله تعالى
يعفو ويتجاوز عن عباده بفضله ورحمته وكرمه .
=================
لا
تحزني وأنت ملازمةً لبيتك ، محافظة على أداء واجباتك ، قائمة بما افترضه
الله تعالى عليك من العبادات والطاعات ؛ واعلمي أن في عدم الاختلاط
بالفارغات واللاَّهيات نعمةً كبيرةً لا تُقدَّر بثمن ؛ إذ أن في البعد عن
هؤلاء راحةً للبال ، وهدوءا للخاطر ، وسلامة للنفس ، وبعداً عن الخطأ .
===============
لا
تحزني وأنتِ محافظة على ذكر الله تعالى ملازمة للاستغفار ، فإن في كثرة
الاستغفار وملازمة الإنسان له ارتياحاً من الهموم ، وسلامةً من الغموم ،
ووسيلة لطلب السعادة وراحة البال . جاء في الحديث عن ابن عباس عن معلم
الناس الخير صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من لزم الاستغفارَ جعل الله
له من كل ضيقٍّ مخرجاً ، ومن كل همٍّ فرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب " (
رواه أبو داود ، الحديث رقم 1518 ، ص 234 ) . وعليكِ – بارك الله فيك –
بالإكثار من التسبيح والحمد والتكبير والتهليل والاستغفار ، وترطيب اللسان
بكثرة ذكر الله تعالى لتحصل لك الطمأنينة ، قال سبحانه : { الَّذِينَ
آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ
اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } ( الرعد : 28 ) .
قُلْ هَـذِهِ
سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي
وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) [يوسف : 108]
((ادْعُ
إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )) [النحل : 125]
اللهم ظلنا تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك