" ولما ضرب بن ملجم عليا _رضي الله عنه_ دخل منزله فاعترته غشية، ثم أفاق، فدعا الحسن والحسين _رضي الله تعالى عنهما_ وقال:
" أوصيكما بتقوى الله _تعالى_ والرغبة في الآخرة، والزهد في الدنيا ولا تأسفا على شئ فإنكما عنها راحلان افعلا الخير وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا.
ثم دعا محمدا ولده وقال له: أما سمعت ما أوصيت به أخويك. قال بلى. قال: فإني أوصيك به، ثم قال: يابني أوصيكم بتقوى الله في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفقر والعدل في الصديق والعدو والعمل في النشاط والفتور والرضا عن الله في الشرة والرخاء. بابني ما شر بعده الجنة بشر، ولا خير بعد النار بخير. كل نعيم دون الجنة حقير وكل بلاء دون النار فما فيه, يا بني من أبصر عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ومن رضي بما قسم الله له لم يحزن عما فاته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئراً وقع فيها, ومن هتك حجاب أخيه هتك عورات بنيه، ومن نسي خطيئتة استعظم خطيئة غيره، ومن أعجب برأيه ضل ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل ومن خالط الأنذال احتقر ومن دخل مداخل السوء اتهم نفسه ومن جالس العلماء وقر، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر خطؤه. وقل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، من قل ورعه مات قبله، ون مات قبله دخل النار, يا بني الأدب ميزان الرجال، وحسن الخلق خير قرين، يا بني العافية عشرة أجزاء تسعه منها في الصمت إلا عن ذكر الله وواحدة في ترك مجالس السفهاء, يا بني لا شرف أعلى من الإسلام، ولا كرم أعز من التقوى، ولا شفيع انجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، يا بني الحرص مفتاح التعب ومطية النصب "